مع ترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وتأكيدات الطرفين بأن توافقهما «أبعد من الملف الرئاسي»، بات من شبه المرجّح ان يخوض التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية الانتخابات النيابية المقبلة متحالفَين.

تطور كهذا سيقلب التحالفات السياسية رأساً على عقب، إلا أنه في غياب قانون انتخابي عادل لن يمكّن الثنائية المسيحية المستجدة من انتخاب أكثر من 27 نائباً مسيحياً (المتن 8؛ كسروان 5؛ بيروت الأولى 5؛ البترون 2؛ بشري 2؛ جبيل 2؛ جزين 3)، يضاف اليهم 3 مقاعد في بعبدا (بالتحالف مع حزب الله أو وقوفه على الحياد) و5 مقاعد في زحلة (مع تصويت الكتلة الشيعية)، ما يرفع عدد «كتلة التيار الوطني الحر ــــ القوات» الى 35 مقعداً.

في ما عدا ذلك، وفي ظل قانون الستين، واستناداً الى نتائج انتخابات 2009 والى استطلاعات أجراها مدير «مركز بيروت للأبحاث» عبدو سعد حديثاً، لا أمل جدّياً بفوز الثنائية المسيحية المستجدّة ــــ او باختيار القوة الذاتية للمسيحيين ــــ بأي من المقاعد المسيحية المتبقية في الدوائر ذات الغالبية المسلمة (عكار، طرابلس، عاليه، الشوف، بيروت الثانية، بيروت الثالثة، الزهراني، مرجعيون ــــ حاصبيا، البقاع الغربي ــــ راشيا وبعلبك ــــ الهرمل)، أو من دون الصوت المسلم كما في بعبدا (3) والكورة (3) وزحلة (5) وزغرتا (3).

وفي مقابل الربح المحدود للثنائية المسيحية، يبدو المستقبل أول الخاسرين من انقلاب التحالفات الانتخابية. إذ يبدو التيار الأزرق (وتجمّع «لبنان أولاً» الذي يقوده) مهدداً بخسارة تصل الى 17 نائباً (بيروت الأولى 5 نوّاب؛ بيروت الثانية 2؛ البترون 1؛ الكورة بين نائب واثنين؛ زحلة نائبان؛ البقاع الغربي بين اثنين وأربعة)، من كتلته التي تضم 39 نائباً حالياً (بمن فيهم الرئيس تمام سلام)، وذلك على الشكل الآتي:

* دائرة بيروت الأولى: من المرجّح أن تفوز «الثنائية العونية ــــ القواتية»، بالتحالف مع حزب الطاشناق، بالمقاعد الخمسة في هذه الدائرة ما يعني خسارة المستقبل لثلاثة مقاعد (ميشال فرعون، سيرج طور سركيسيان وجان أوغاسبيان)، إلى جانب مقعدين لـ «حليفين لصيقين» (نديم الجميل ونايلة تويني). وحتى في حال صحّ ما يشاع عن اتفاق بين القوات وفرعون على التحالف انتخابياً في هذه الدائرة، فلن يغيّر ذلك من هذه النتيجة لأن فرعون لن يكون حينها محسوباً من حصّة المستقبل.

* دائرة بيروت الثانية: الكتل الناخبة الأساسية في هذه الدائرة ثلاث: الأرمن (33 ألف ناخب) والسنة (33 ألفاً) والشيعة (29 ألفاً)، الى جانب نحو 10 آلاف ناخب مسيحي. يمكن لكتلة المستقبل مع حلفائها تجيير حوالي 80% من اصوات السنّة في مقابل تجيير حزب الله ــــ امل لـ 90% من اصوات الشيعة. ومن شبه المؤكد ان التحالف الشيعي ـــــ الأرمني (الطاشناق)، سيحقق فوزاً لكامل لائحته، ما يعني خسارة تيار المستقبل مقعديه السني والأرمني في هذه الدائرة (نهاد المشنوق وسيبوه كلبكيان).

* البترون: من المؤكد فوز «الثنائية العونية ــــ القواتية» بالمقعدين المارونيين. ففي هذه الدائرة يتمتع التيار الوطني الحر بالقوة التجييرية الأكبر، يليه النائب بطرس حرب فالقوات بنسب متقاربة. وتغيير التحالفات يجعل خسارة حرب محسومة لمصلحة الوزير جبران باسيل والنائب أنطوان زهرا (كان الفارق بينهما 3000 صوت في 2009)، ما يعني خسارة المستقبل، هنا أيضاً، لأحد حلفائه «اللصيقين».

* دائرة الكورة: نظرة الى أرقام انتخابات 2009 تبيّن أن المنافسة في هذه الدائرة ستكون شديدة. إذ تحتضن الكورة تنوعاً سياسياً وانتخابياً كبيرين. وتتوزع القوى الانتخابية على التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والنائب فريد مكاري (المستقبل) والمردة والحزب السوري القومي الاجتماعي. علماً أن أحجام معظم هذه القوى متقاربة. ففي الانتخابات الماضية، كان المعدل العام للأصوات التي نالها مرشحو المستقبل والقوات (فريد مكاري ونقولا غصن والراحل فريد حبيب) 14 ألف صوت في مقابل 12 ألفاً للائحة المقابلة من المردة والتيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي. انقلاب التحالفات واصطفاف المردة الى جانب المستقبل، والقوات الى جانب التيار الوطني الحر، يجعل من القومي «بيضة القبّان» في هذه الدائرة. فتحالفه مع المردة ومكاري يرجح كفتهما، وقد يحرم التيار والقوات من الفوز، لكنه سيعني في الوقت نفسه خسارة المستقبل مقعداً واحداً على الأقل (نقولا غصن) لمصلحة مقعد للمردة وآخر للقومي. أما تبادله الاصوات مع الثنائية المسيحية، فقد يُفقد المستقبل مقعديه الاثنين.

* دائرة البقاع الاوسط ــ زحلة: تتوزع القوى الانتخابية، من دون ترتيب، على التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، تيار الكتلة الشعبية، حزب الكتائب، النائب نقولا فتوش، مع ثقل ترجيحي للكتلتين السنية والشيعية. تحالف «الثنائية العونية ــ القواتية» مع فتوش في مقابل الكتلة الشعبية ـــ الكتائب ـــ المستقبل يجعل الأرجحية للأول لأنه قادر على تجيير كتلة مسيحية أكبر يمكنها أن تغطي الفارق بين الكتلتين السنية والشيعية، مما يهدد المستقبل بخسارة مقعديه السني (عاصم عراجي) والشيعي (عقاب صقر).

* دائرة البقاع الغربي ــ راشيا: تتوزع القوى الانتخابية هنا على تيار المستقبل، صاحب الكتلة الانتخابية الأكبر، تليه الكتلة الشيعية (حزب الله ــــ امل)، فالحزب التقدمي الاشتراكي، حزب الاتحاد (الوزير عبد الرحيم مراد)، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، وبعض الشخصيات كنائب رئيس المجلس النيابي السابق ايلي الفرزلي، النائب السابق فيصل الداوود، والنائب روبير غانم. تلعب عوامل مختلفة ضد المستقبل في هذه الدائرة، من بينها تراجع شعبيته منذ اقفاله حنفية المساعدات عقب انتخابات 2009، والصراعات بين نوابه، والنشاط الخدماتي لمراد (نال 29 في المئة من أصوات السنة في 2009 مقابل 70 في المئة للمستقبل)، إضافة الى التوقعات بارتفاع نسبة التصويت المسيحي (37 في المئة في 2009) بعد التحالف العوني ــ القواتي.

تحالف المستقبل (كما في 2009) مع الحزب التقدمي الاشتراكي وغانم سيكون محرجاً في حال تصويت القوات الى جانب تحالف حزب الله ــ امل ومراد والتيار الوطني الحر والفرزلي والداوود خصوصاً في ظل توقع ارتفاع نسبة اقتراع المسيحيين الى حوالي 50%، وزيادة حصة مراد بين السنة، مما يهدّد المستقبل بخسارة مقاعده الأربعة (جمال جراح وزياد القادري وروبير غانم وأمين وهبة). أما في حال قرّر تبادل الأصوات مع الثنائية الشيعية فقد يجد نفسه، في المقابل، مضطراً الى التنازل عن مقعده الشيعي (أمين وهبي) مع احتمال خرق في مقعد سني لمصلحة مراد.

المستقبل ــ طرابلس في خطر

إستناداً الى استطلاعات للرأي أجريت حديثاً، يرجّح مدير «مركز بيروت للأبحاث» عبدو سعد أن تتضافر عوامل عدة لتؤدي الى خسارة المستقبل مقاعده الأربعة في طرابلس (سمير الجسر ومحمد كبارة وروبير فاضل وبدر ونّوس). بالعودة الى انتخابات 2009، فازت لائحة المستقبل بالتحالف مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي بـ 55 ألف صوت، فيما نال الرئيس عمر كرامي منفرداً 30 ألف صوت. انقلاب التحالفات واصطفاف الصفدي وميقاتي الى جانب فيصل كرامي، مع تحسّن شعبية ميقاتي مقارنة بـ 2009 وتراجع شعبية المستقبل عما كانت عليه، إضافة الى الصوت العلوي والاستنهاض المسيحي بعد التحالف العوني ــ القواتي بما يرفع نسبة التصويت (32 في المئة في 2009)، كلها تجعل خسارة المستقبل في عاصمة الشمال أمراً «شبه مؤكد» بحسب سعد، ناهيك عن خسارته مقعد الحليف الكتائبي (سامر سعادة).